دور ديوان الوقف الشيعي

في خدمة العتبات المقدسة

تحفل أرض الرافدين متميزة عن غيرها من البلدان بالعديد من الأماكن المقدسة والمزارات والمشاهد، التي تضم مراقد لمجموعة من أئمة أهل البيت الطاهرين عليهم السلام ولفئة كبيرة من أتباعهم ومحبيهم وأنصارهم، تتناثر هنا وهناك من أقصى البلاد حتى أقصاها حتى لا تكاد تخلو مدينة أو قرية من تلك المشاهد والمزارات. لكن العتبات المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء تبرز في مقدمة تلك المزارات والمراقد لما لها من خصوصية في نفوس المسلمين في شتى أرجاء المعمورة، فلكل عتبة من هذه العتبات تأريخ ذو علاقة جد وثيقة بالثقافة والحضارة العربية والإسلامية، مما اختزنته من المحفوظات الأثرية والروائع الفقهية والادبية، وما قامت به المدارس طوال العصور المظلمة إذ لولا هذه العتبات لما بقي اليوم بأيدينا من تلك الكنوز إلا النزر اليسير.. وإن العمل الدائب للحفاظ على هذه الأماكن المفعمة بالتاريخ، الغنية بالإيمان لهو الدليل القاطع على استمرارية التقديس للبطولة والفداء وعلى النزوع الدائم الى ورود الينابيع الأولى للشهادة...

إن القيمة المعنوية الكبرى لهذه الأماكن الشريفة جعلت من أرض العراق محجا يؤمه الناس من كل حدب وصوب، وجعلت من العراق في مقدمة بلدان الإسلام التي يحفظ فيها التراث الإسلامي وتدرس فيه العلوم العقلية والنقلية في جامعات عريقة ومدارس لا يرقى اليها غيرها.

هناك يلتقي طلاب العلم من شتى الأقطار ليعودوا فيما بعد الى بلدانهم حاملين مشعل العلم والرسالة وفي قلوبهم تصميم على السير في الطريق نفسه الذي اختطه اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة (عليهم السلام).

وهناك في مكتبات العراق ولا سيما النجفية منها ينهل الباحثون من منابع الثقافة الأصيلة والمراجع القيمة والكتب والمخطوطات النادرة.. من معين يكاد يكون فريدا.. إن التأريخ المشرق لمراكز الإشعاع الثقافي والعلمي في هذه البلاد المباركة جعلت من أرض العراق حرما مقدسا يؤمه جميع المؤمنين وعشاق الحرية وطلاب المعرفة، ويدرس على علمائه الأعلام طلاب من جميع أنحاء الدنيا في سكينة ووقار بعيدا عن صخب المدينة المحدثة.

هذا التاريخ المشع بالايمان هو الذي حدا بديوان الوقف الشيعي الى ايلاء العتبات المقدسة المزيد من الاهتمام لوضع الخطط والبرامج لصيانتها وتطويرها بما يتناسب وتطورات العصر.. وقد ساهم ديوان الوقف الشيعي ومنذ الايام الاولى لسقوط النظام في وضع برنامج متكامل بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات ذات الشان والعلاقة من أجل تطوير واعمار وصيانة المدن المقدسة وبما في ذلك العتبات وما يحيط بها من باحات ومدارس ومساجد واسواق ومرافق اخرى ولم يبتعد ديوان الوقف الشيعي في لجان الاعمار التي شكلت لهذه المدن العتيدة وقد عقد عدة اجتماعات مع كبار المهندسين المعماريين من أجل وضع تصاميم أولية تتناسب والرؤية الحضرية الجديدة للمدن المقدسة كما شارك الوقف الشيعي بالندوات واللقاءات التي عقدت في الوزارات المعنية بشان الاعمار من اجل ابداء وجهات النظر الخاصة بالديوان حول حفظ المعالم التراثية الاسلامية وابقاء الطابع والهوية المقدسة للعتبات ومدنها وفعلا وبالتعاون مع المركز العالمي للابحاث الفنية باشراف الدكتور المهندس السيد محمد علي الشهرستاني تم توسعة الروضة الكاظمية المطهرة بطريقة حفظت التاريخ والمعمارية الاسلامية واعطت للمكان سعة جيدة تستوعب زخم الزائرين خصوصا في المناسبات.

وفي العتبة الكاظمية أيضا تم التعاون مع امانة بغداد على ضم قطع الاراضي المحيطة بالصحن الشريف والتي تزيد على ستة آلاف متر مربع من اجل توسيع محيط الصحن واضافة المرافق المطلوبة الاخرى.

كما قام الديوان بتشكيل لجنة خاصة لادارة العتبة من الوجهاء والمهندسين وابناء الاسر العريقة والخدم وبالتعاون والتنسيق التام مع سماحة اية الله السيد حسين السيد اسماعيل الصدر حفظه الله.

وتم تدريب كوادر خاصة للادارة والحراسة والمراقبة التلفزيونية الخفية.

خلال ذلك تباحث الديوان حول اعادة تذهيب قبة الامام الجواد عليه السلام واجراء عملية صيانة عامة للصحن الشريف ومسجد الجوادين (الصفوي) ذي القيمة التاريخية في الكاظمية.

وعلى الصعيد الأمني فقد توفرت العتبات المقدسة طيلة الفترة الماضية على اكثر من الفي حارس والمئات من الخدم والعاملين فيها.

اما العتبة العلوية في النجف الاشرف والعتبة الحسينية والعباسية في كربلاء المقدسة فأنطيت ادارتها بلجان خاصة من قبل المرجعية في الوقت الحاضر ولحين اقرار قانون الوقف الشيعي والذي وصل الى مراحله الاخيرة في مجلس شورى الدولة ورغم ذلك فهناك تعاون وتبادل وجهات النظر بين هذه اللجان ودوائر الديوان في النجف وكربلاء.

واما العتبة العسكرية في سامراء والتي تقع ضمن دائرة اختصاص ديوان الوقف الشيعي فقد حالت الظروف الامنية دون الاشراف المباشر عليها وما زالت مكاتبات بين ديواننا وبين ديوان الوقف السني حول تمكين الصيغ القانونية من اداء دورها وعودة الاشراف على هذه العتبة المطهرة الى ديوان الوقف الشيعي وفقا للقانون.

هذا على صعيد العتبات الخاصة بالائمة الاطهار عليهم السلام واما بقية المراقد والمشاهد والمزارات والمقامات الكثيرة المنتشرة في انحاء العراق فان ديوان الوقف الشيعي يمارس اشرافه ورعايته لها وفق القانون والاصول المرعية.

فقد وضعت الخطط وصممت الخرائط لتطويرها وصيانتها واحدة تلو الاخرى حسب توفر الموازنة والدعم المالي.

ومنها مرقد الحر الرياحي في كربلاء ومرقد كميل بن زياد في النجف الاشرف ومرقد الحمزة الغربي، والقاسم، ومرقد التابعي الجليل سعيد بن جبير، في واسط وغيرها من المشاهد والمراقد في العراق.

ولا ننسى ان نشير الى عملية تطوير واعمار مسجد الكوفة الكبير التي تجري بالتنسيق الكامل بين الديوان وطائفة البهرة من الشيعة والتي بلغت مراحلها الاخيرة بنجاح مشهود حيث سيصبح مسجد الكوفة من اهم المعالم العبادية والمعمارية والتاريخية والسياحة في العراق.

 

 

 

 

   

صفحة الانجازات