بسم الله الرحمن الرحيم

( لَّيسَ البرَّ ان تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشرِقِ والمغرِبِ وَلَكِنَّ البرَّ مَنْ ءامَنَ باللهِ واليومِ الاخِرِ والمَلآئكَةِ وَالكِتَابِ والنبيين وءاتَى المَالَ عَلَى حُبّهِ ذَوى القُربَى واليَتَامَى والمَسَاكِين وابنَ السَّبيلِ والسائلِين وَفي الرِقابِ وأقام الصَّلاةَ واتَى الزَّكَاةَ والمُوفُونَ بِعَهدِهِمْ إذا عاهدُوا والصَّابرين في البأسَآءِ والضرآء وحين البأسِ أولئك الَّذِينَ صَدَقُواْ وأُولَئكَ هُمُ المُتَّقُونَ ) البقرة : 177

المقدمة

دور الوقف في مرحلة التحول والتغيير

شهدت دوائر الوقف في الحقبة التاريخية السابقة حالة من التخلف والضبابية والتعتيم جعلت منها موقعاً رسمياً ينأى بعيداً عن تطلعات المجتمع وهمومه، بل أصبح مصطلح الأوقاف يقترب إلى حدٍ كبير من مصطلح دوائر(المخابرات)، فالصلاحيات غير القانونية التي مارستها دوائر الوقف جعلت منها شبحاً مخيفاً يلاحق مشاريع الخيرين ويحاصر تطلعاتهم.

ان الفجوة التي حدثت بين حركة الوقف الرسمية السابقة وبين حركة بناء مشاريع الخير والبر في العراق كانت تتسع يوماً بعد يوم اضطراداً مع ممارسات دوائر الوقف بمصادرتها الوعي الشرعي للوقف أولاً ومصادرة افاق و مجالات تنمية وتطور الوقف ثانياً الامر الذي أدى إلى تعقيد العلاقة بين الانسان العراقي ذي النزعة الخيرية وبين الوقف الرسمي للسلطة.

فلا نبالغ إذا قلنا ان الخطوط البيانية لنمو حركة الوقف والواقفين هبطت بشكل مرعب في ربع القرن المنصرم اذ ان التطور الذي حدث في مجالات الوقف مقارنة بالسنين التي سبقت هذه الحقبة يؤشر إلى مستويات منخفضة جداً لا دلالة لها سوى ان طابع الخوف والتردد والحذر هو الذي يحكم الجدلية الاجتماعية بين الوقف الرسمي والانسان العراقي.

لذلك كانت اولى ممارسات المهتمين بالوقف بعد عملية التحول والتغيير هو دراسة الواقع السابق الموروث ومقارنته مع واقع الوقف في الدول الاسلامية لتجديد مسارات مشتركة يمكن من خلالها ولو بعد حين ان يلتحق كيان الوقف في العراق الجديد بمضمار مثيلاته في الدول الاسلامية ولو الفقيرة منها.

ولكن دراسات أولية كشفت بوضوح أن اتجاه حركة الوقف السابقة في العراق كانت تسير بطريقة معاكسة تماماً للأطر الشرعية للوقف والمواصفات الاجتماعية والقانونية فالتجاوز والغصب ومصادرة الوقف اضافة إلى اهمال شروط الواقفين والعبور عليها بصورة تكاد تكون عامة في مجمل محافظات العراق ومدنه هي السمات الاساسية لسياسة الوقف الرسمية وادارة شؤونه.

ومن هنا تلقى المسؤولون عن ادارة الوقف الجديد مهامهم مكبلين بتجاوزات الماضي ومشكلات الحاضر وعقبات المستقبل التي تهدد مسيرة البناء الجديد.

إلا انهم ـ بحمد الله ـ بدأوا ببناء لبنات رصينة انطلاقاً من الأسس الشرعية والخصوصيات الوطنية في فهم حركة الوقف واهداف الواقفين.

فعكفوا على صياغة نظم وقوانين جديدة تتناسب وتطلعات الانسان العراقي في التنمية والبناء والتطوير لحياته الاجتماعية والثقافية والسياسية.

ثم انهم اتبعوا الأسس الموضوعية في اعادة هيكلية ادارة الوقف واستحداث مؤسسات ودوائر جديدة وفقاً لمتطلبات المرحلة والتغيرات الاجتماعية والحضارية التي طرأت على الواقع العراقي والدولي ولم تنسَ ان تمدّ جسور العلاقة مع الدول الشقيقة والصديقة للاستفادة من تجاربها الحية في هذا المضمار.

هذه الحركة الجديدة سجلت تفاعلاً واهتماما ملحوظاً خلال الشهور الماضية بين دوائر الوقف الجديدة وبين ابناء الامة وهم يتحسسون هذه النقلة التغييرية بين نكوص الماضي وانجازات الحاضر. ونحن في ديوان الوقف الشيعي نقولها بصراحة تامة ان تفاعل ابناء العراق الخيرين مع ديواننا منحنا الثقة والعزيمة والتصميم على مواصلة انجاز ما خططنا له من مشاريع ثقافية واجتماعية وتنموية واعمارية رائدة، رغم ما يواجهنا من تحديات ومعوقات سواء كانت موضوعية أو ذاتية.

إن صيغ العمل الجديدة في ديوان الوقف الشيعي من شأنها أن توفر أجواء سليمة لتبادل الرأي والخبرات وتقبل النقد بموضوعية كما ان من شأنها ان تساهم في اكتشاف طاقات شباب الامة بعيداً عن روح التفرد في القرار أو تجاوز القانون والارادة الجماعية لدوائر الوقف وذلك ما يطمح إليه العاملون في دائرة كانت تعد مثالاً للتسلط ومصادرة الآخرين وسحق ارادتهم وسلب حقوقهم وقد اكدت المادة الثانية في قانون ديوان الوقف الشيعي كما يلي:

يسعى الديوان الى تحقيق الاهداف الأتية:

اولاً: تعزيز وتنمية الثقافة الاسلامية واحياء التراث الاسلامي والاهتمام بكتب التراث والمخطوطات والآثار الاسلامية والمحافظة عليها.

ثانياً: تنظيم شؤون ادارة املاك الوقف الشيعي وتنمية مواردها.

ثالثاً: رعاية شؤون العتبات المقدسة ومراقد الائمة عليهم السلام ونوابهم ومقامات الصحابة والاولياء.

رابعاً: العناية بشؤون الجوامع والمساجد والحسينيات والمؤسسات الدينية وصيانتها وتأثيثها وتنظيم شؤون العاملين فيها داخل العراق وخارجه.

خامساً: العناية بتنفيذ شروط الواقفين والاشراف على الاوقاف الملحقة.

سادساً: تأمين متطلبات الاداء الامثل لفريضة الحج ومناسك العمرة والسياحة الدينية للعتبات المقدسة والآثار الاسلامية.

سابعاً: توثيق الروابط الدينية بين الطوائف الاسلامية وتعزيز التقريب بين المذاهب الاسلامية.

ان اطلالة فاحصة لهذه المادة التي تشكل حجر الزاوية في الفصل الاول (التأسيس والاهداف) تكشف بوضوح تام ان دور ديوان الوقف الشيعي اوسع بكثير من دائرة الاهتمام المحض بالوقف وشروط الواقفين، بل تعدى ذلك الى ان تكون تنمية الثقافة الاسلامية واكتشاف الخطاب الاسلامي الامثل في المجتمع العراقي الجديد محوراً اساسياً في عملية ادارة الوقف. فرفع المستوى الثقافي للانسان المسلم والفرد الشيعي على وجه الخصوص اصبح دائرة الضوء الاولى التي ينطلق فيها ديوان الوقف الشيعي باعتباره احد الجهات المسؤولة عن صياغة وتكوين العقل الشيعي والرأي العام الاسلامي الثقافي والاجتماعي.

وتسعى هذه المادة من القانون الى فك الابهام التالي: هل يعتني ديوان الوقف الشيعي باعمار المسجد والجامع والمرقد فقط ولا يعير اهتماماً لبناء ثقافة الانسان الذي يعمر المسجد والجامع والمؤسسة؟!

ومن هذا المنطلق وغيره من المنطلقات الثقافية اتسع دور ديوان الوقف لكي يترجم هذه المادة الى نوافذ ثقافية وعلمية واكاديمية مثل جامعة الامام جعفر الصادق ومعهد الشيخ المفيد (في طور الاعداد والانجاز) ومركز الدراسات والبحوث والتوثيق ومطبوعة (صحيفة الاوقاف) و(مجلة الديوان) وقسم الانترنت والمطبوعات الاخرى.

كل ذلك يشكل جزءاً من الاسهام الواعي في عملية اشاعة ثقافة اصيلة وجديدة تعتمد التسامح وفهم الاخر والابتعاد عن التعصب والضرب على وتر الطائفية البغيضة. أما ما يتعلق بالوقف ذاته، فان ديوان الوقف الشيعي اخذ على عاتقه، حسب الفقرة الثانية من المادة ذاتها، تنظيم شؤون ادارة املاك الوقف وتنمية مواردها مستفيداً من الاساليب والنظريات الجديدة في علم الادارة والتطوير الاداري، فقد اتسعت هذه الفقرة لتنظيم الشؤون الادارية والهندسية والاعمارية والمؤسساتية والقانونية الخاصة باملاك الوقف، فاصبح لكل دائرة من دوائر الوقف المعينة اقسام وشعب يغطي كادرها العملية اليومية لإدارة الوقف وتنمية حركته وفقاً لشروط الواقفين التي اعتبرها قانون الوقف الشيعي خطاً احمر لا يمكن التجاوز عليه (فـشرط الواقف كنص الشارع).. ان عملية فك التقاطعات الادارية في دوائر الوقف وتحديد المسؤولية يعد تجربة خاصة انتزعت ثوابتها من الفقه الشيعي اولاًً، ومن تجارب دواوين الوقف ودوائره في الدول الاسلامية ومن تجارب الاوقاف العراقية عبر الزمن.

ورغم ذاك فقد وضعت في القانون مواد متحركة تسمح للقائمين على شؤون الوقف ورئاسة الديوان ان تناقش نجاح تطبيق بعض المواد او فشلها واتخاذ خيارات بديلة تتناسب مع متطلبات الواقع ومستجداته.

اما عن تنمية موارد الوقف فقد وضعت دراسات خاصة في دوائر الديوان ذات العلاقة لتنمية وتطوير موارد الوقف والبحث عن سبل استثمار جديدة من اجل ان تظل الاوقاف الشيعية مصدراً مهماً من مصادر التمويل المالي وتشارك مع بقية المؤسسات المالية والاستثمارية في البلاد في بناء منظومة اقتصادية متطورة تتناسب مع تطلعات وافاق العراق الجديد.

وتنص الفقرة الثالثة من المادة الثانية على مايلي:

(رعاية شؤون العتبات المقدسة ومراقد الائمة عليهم السلام ونوابهم ومقامات الصحابة والاولياء)

لقد اعطت هذه الفقرة اهمية خاصة لمكانة العتبات المقدسة في قانون الوقف الشيعي من منطلقات متعددة اهمها :

1ـ ان العتبات المقدسة تشكل مثابة عقائدية وروحية للمسلمين كونها مواقع قدسية ضمت اجساد الائمة الطاهرين الذين يمثلون امتداداً للرسالة والرسول في حياة الامة.

2ـ كون العتبات المقدسة من انفس المساجد والمشاهد ذات الاصالة الحضارية بما تحتوي عليه من ابداعات جمالية وفنية وبما تختزنه من نسيج معماري يكشف البعد الحضاري والثقافي في تاريخ الامة.

3ـ كونها مراكز اشعاع علمي وثقافي وتربوي توفرت على اعمق الجامعات والحوزات العلمية منذ عشرة قرون بكل ما تعبر عنه هذه الدوائر المعرفية من اصالة وعمق وامتداد.

4ـ كونها معالم سياحية وحضرية ضخمة بما تنطوي عليه من جاذبية للزوار والسياح والوافدين، الامر الذي يجعلها رافداً اقتصادياً وتجارياً مهماً في المنظومة الاقتصادية الجديدة.

ان هذه الابعاد والمنطلقات مجتمعة تعطي لديوان الوقف الشيعي دافعاً ومبرراً ليضع العتبات المقدسة في اولى اهتماماته الامر الذي حدا بديوان الوقف الى تشكيل دائرة خاصة بالعتبات المقدسة يديرها مدير عام بعد ان كانت قسماً صغيراً من اقسام دائرة المؤسسات. ان مكانة العتبات المقدسة هذه جعلت الديوان يفكر دوماً بتطوير واعمار وصيانة وتوسيع فضاءات العتبات المقدسة واخر حركة في هذا الاطار هو المشاركة مع وزارة البلديات في اقامة (ورشة عمل) من اجل تقديم البحوث والدراسات الهندسية و المعمارية والحضرية لتطوير مدن العتبات المقدسة بالاستعانة بالمهندسين الاستشاريين من ذوي الخبرة والممارسة على مستوى العراق والعالم، وعلى صعيد اخر فان امن العتبات ورعاية خدمها وسدنتها والعاملين فيها وما تحتويه من كنوز وذخائر ومتاحف وما يحيط بذلك من امور فنية ومالية واثرية قد وضعت له ومشاريع من شانها المحافظة على قيمة العتبة وتسهيل امور الزائرين وتوفير امنهم الا ان ظروفاً خاصة تحيط ببعض العتبات تحول مع الاسف دون تنفيذ بعض هذه البرامج والمشاريع. ولم يقتصر اهتمام ونشاط ديوان الوقف الشيعي على العتبات المقدسة المعروفة كما جاء في نص الفقرة الثالثة من المادة الثانية بل شمل مراقد الاولياء ومقامات الصحابة والصالحين وقبور العلماء والشهداء الابرار في كل انحاء العراق ففي النجف الاشرف والكوفة قبر مسلم بن عقيل وهاني بن عروة والمختار الثقفي وميثم التمار وكميل بن زياد ورشيد الهجري والقاسم بن موسى بن جعفر وابراهيم ذو النفس الزكية وغيرهم من العلويين والثوار.

وفي بغداد السفراء الاربعة والشيخ الكليني والشريف المرتضى والرضي واستاذهما الشيخ المفيد، واخرون غيرهم.

وفي صلاح الدين قبر السيد محمد بن الامام علي الهادي عليه السلام وفي القادسية قبر أبي الفضل زيد النار بن الامام موسى بن جعفر والسيد احمد المقدس الحمزة الغريفي (الشرقي) وفي واسط قبر سعيد بن جبير التابعي الذي قتل على يد الحجاج بن يوسف الثقفي في مشهد قل نظيره، وغير ذلك من المراقد والمقامات والمشاهد الدينية التي يزخر بها العراق .

لقد كلفت مديريات الوقف في المحافظات بتقديم احصاءات تفصيلية مصورة وموثقة عن هذه المواقع الشريفة من اجل اصدار موسوعة تعريفية مصورة تحفظ هذا التراث الطاهر ومن اجل صيانة تلك المراقد واعمارها وتطويرها بما يتناسب ومكانتها في نفوس المسلمين.

وتأتي اهمية هذه المراقد والمشاهد والمقامات في العراق من انها تشكل معالم تاريخية للعلم والثورة والمبدئية والتحدي في زمن كانت الامة تعيش ازمة القوة والضعف والسطوة والاسترخاء.

كما تنص الفقرة الرابعة من المادة الثانية في قانون ديوان الوقف الشيعي على ما يلي:

(العناية بشؤون الجوامع والمساجد والحسينيات والمؤسسات الدينية وصيانتها وتأثيثها وتنظيم شؤون العاملين فيها داخل العراق وخارجه).

لقد تناولت هذه الفقرة المساجد والجوامع والحسينيات والمؤسسات الدينية كمادة أساسية في عملية البناء الاجتماعي والفكري للمجتمع.. فالمسجد كمكان مخصص للعبادة والإدارة يشكل بعداً أساسيا في الرؤية الإسلامية لبناء الإنسان الفرد والإنسان المجتمع باعتباره منطلقاً للإعداد الروحي والعمل الواعي وقد اهتم المسلمون بوقف المسجد كجزء من أعمال البر والخير يحدوهم بذلك قول النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم:

[من بنى مسجداً لله ولو كمفحص قطاة، دخل الجنة].

ونظرة فاحصة للحال الذي كانت عليه مساجد وجوامع وحسينيات أتباع أهل البيت # في ظل العهود السابقة وخاصة العهد الأخير البائد، تكشف بوضوح عن مدى الإهمال والتنكر غير المسؤول لهذه الأماكن الطاهرة التي امر الله عباده بعمارتها بقوله تعالى: انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الاخر.

كيف وقد اعتبر النظام السابق مساجد الشيعة وحسينياتهم (قاعات فواتح) لا علاقة لها ببناء الإنسان الحي! وانما هي قاعات للأموات وحسب! أضف إلى ذلك الموانع والعقبات المصطنعة التي كانت تواجه الواقفين والمحسنين ان هم أرادوا بناء مسجد وحسينية للشيعة.. وقد ورث الوقف الشيعي الكثير من هذه الوثائق التي تكشف ضحالة المتصدي للاوقاف في تلك الحقبة السوداء من تاريخ العراق.. وعدم معرفتهم بقيمة المسجد ولا دور الجامع والحسينيات لذا فقد كانت هذه الفقرة من القانون تعيد الى المسجد اهتمام المؤسسة الحكومية به ابتداء بالاعمار وانتهاء بدعم العاملين به واعطائهم فرصة وظيفية للعيش الكريم كباقي ابناء العراق الجديد. وتأسيساً على هذه فقد تم اعمار وتأثيث ورعاية الكثير من المساجد والحسينيات في المناطق المحرومة في العاصمة والمحافظات الاخرى.

اما الاهتمام بالمؤسسات الدينية في داخل العراق وخارجه فهو اتجاه جديد في الوقف اذ ان النظرية السابقة للوقف كانت تقتصر على الاوقاف داخل العراق وأهمال الاوقاف والمؤسسات التي ينشئها العراقيون في مهاجرهم.

ان اهتمام هذه المادة بتلك المؤسسات يكشف بوضوح التخطيط والرؤية الاستراتيجية لقانون ديوان الوقف الشيعي الذي يعتبر نشاط المهاجر العراقي المسلم جزءاً من نشاطه اذ ان الانغلاق داخل الحدود فقط يعطي للقانون والمقنن صفة الضعف عن استيعاب نشاطات العراقيين الذين اجبرتهم الظروف على ان يكونوا بعيدين عن وطنهم واهليهم.

وتنص الفقرة الخامسة من المادة الثانية على ما يلي:

العناية بتنفيذ شروط الواقفين والإشراف على الأوقاف الملحقة.

ان المهمة الأساسية لديوان الوقف هي الاهتمام بإبقاء عين الوقف وتنميتها وتنفيذ شروط الواقفين، ومحاسبة المتولين، وتهيئة الظروف الموضوعية لأنماء حركة الوقف، وقد اعتمدت وثائق ديوان الوقف تقسيماً عملياً للأعيان الموقوفة اذ قسمت الوقف على نحوين:

وقف مضبوط واخر ملحق، فالوقف المضبوط هو الذي تكون يد التصرف والتولية والإدارة فيه لديوان الوقف بشكل كامل اما الوقف الملحق فهو الوقف الذي تكون التولية فيه للمتولي الشرعي ويتحمل ديوان الوقف محاسبة المتولي سنوياً ومراقبة ادائه لشروط الواقفين وإدارة الوقف عند انحلال التولية او وفاة المتولي او سحب يده، كما يقوم الديوان بمتابعة الدعاوى القضائية عند استغلال الوقف او تحويله الى ملك صرف خلافاً للشرع والقوانين النافذة، ويقوم الديوان ايضاً باعادة تسجيل الوقف المهمل او المتروك من قبل المتولي وقفاً مضبوطاً اذا مضت على ادارته المدة القانونية المعتمدة كما يعامل موظفو الاوقاف والملحقة بذات المعاملة القانونية لموظفي الاوقاف المضبوطة في التعيين والترفيع والعقوبات ونحو الاستفادة منها لأعمال البر والخير.

ومن مهام هذه الدائرة ايضاً حفظ وتوثيق الحجج الوقفية وتبويبها بالطريقة التي تسهل عملية التعاطي مع الموقوفات وعلاقتها بالدوائر ذات الاهتمام المشترك. اننا جميعاً كإداريين ومتشرعة نتحمل مسؤولية شرعية وقانونية واجتماعية واخلاقية في تنفيذ شروط الواقفين على الصفة التي دونت بها الحجج الوقفية لأن (شرط الواقف كنص الشارع) من حيث وجوب الالتزام به وترتيب الآثار عليه، واننا في هذا المجال عمدنا الى تشكيل لجنة محاسبة المتولين في الاوقاف الملحقة لمنع التلاعب والاستغلال- لا سمح الله- وهذه اللجنة مسؤولة امام مجلس الديوان في انجاز اعمالها ومهامها وفق الاصول والضوابط، كما ان المتولي يخضع الى تقييم واختبار المجلس العلمي في الديوان لأثبات كفاءته واهليته للتولية من النواحي الاخلاقية والشرعية. وقد يتم ذلك من خلال الاستعانة بمكاتب المرجعية الدينية وعلماء المناطق المعروفين بالبت بامر التولية واقرارها.

ان هذه المادة من قانون الوقف تعد تواصلاً تاريخياً مع موضوع الوقف واحكامه وتشريعاته وتنميته والعناية به من اجل ان تبقى موارده منابع للعطاء الدائم للخير والبر والصدقة الجارية.

* * *

 

 

 

 

   

صفحة الانجازات